الأربعاء، 9 يناير 2013

ثالثا : من واجباتنا نحو القرآن الكريم:



1
إننا كمسلمين والله لمقصرين في حق قرآننا المقدس ، ولو أننا عملنا به لانفكت عنا كل أزماتنا الإجتماعية والفردية .... والدولية .. 
بل وكل الأزمات الإنسانية ، ولكانت لنا عزة الدين والدنيا ، ولانطبق علينا قوله تعالى :
"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" الأعراف 96:
ولصرنا رحمة للعالمين ، وهداة للإنسانية جمعاء .. 
بل ولكنا سباقين للعديد من العلوم والمعارف والخيرات ..
 وفي شتى المجالات كما كانت أمتنا الأولى .
 فعزة المسلمين كل العزة في عضنا بالنواجد عمليا على القرآن والسنة  :
 فدونهما المذلة والهوان والتخلف وكل أنواع الأزمات كما حالنا وللأسف ..
 فنحن معطلون للقرآن رسميا ومدنيا وشعبيا ، وعلى كل الواجهات .. 
فبالمدافع والعلوم فرض علينا العدو الكفر بالقرآن ككتاب إصلاح ، وككتاب علاج وحكم وعلوم وأخلاق ..و....و..
فهو كتاب كله إصلاح..
2
لنركع اليوم ، ومنذ قرون:
 لأنظمة الغرب اللاغية بتاتا لكل حق الله في التشريع والإصلاح..
 "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟" المائدة 50
فمن أول واجباتنا نحو القرآن الكريم إذن إستنباط شورانا ونظمنا ومناهجنا العلمية والتربوية والعلمية والقانونية والإقتصادية والأدبية .. منه ..
 ومن علومه وفقهياته وبدائله نحو سماوات كل الرقي الحضاري والإنساني .. ..
الأمر الذي لا يتأتى  إلا بخلق ظروف الشريعة ، قبل المناداة بحاكميتها ..
 وبخلق ظروف الإصلاح التدريجي والحكيم الذي يناوؤه اليوم كالبارحة من يناوؤه ..:
والرجاء الذي تبخر مع تنكر الإسلاميين لمبادئهم الأولى .. 
وبعد فشلهم في تنزيل المذهبية الإسلامية كبديل لكل الأنظمة المتوحشة المسيطرة علينا اليوم عالميا ، وقمة وقاعدة.
 ولهم أعذارهم في هذا الفشل الكبير .. : فالإسلام فوق الحزبية : 
وهذا خطأنا الأكبر..
3
فالإصلاح بالإسلام ليس باليسير في ظروفنا الحالية ...
ولو نادت اليوم أية دولة بندائنا الشامل هذا لدمرت عن آخرها..
لأن مخططات العدو أسست على أن لا انتصار لنا عليها إلا بالمقدس ..
وببناء الإنسان فكرا وقلبا وروحا وجسدا.
 وبكل علمية وواقعية وتدرج .. 
وبليونة وحكمة المعالجين حقا لا المدعين .
فهنالك يمكن أن نثمر الصلاح الذي ما بعده إلا كل الفلاح ..
فالإسلام العلمي العملي الحكيم أكبر هدية نقدمها لنا ولكل الإنسانية ..
وإلا فأية وظيفة حضارية لنا اليوم وغدا ؟
بل وما حضارتنا اليوم ؟ 
وماذا عن مستقبلنا المهدد اليوم كالبارحة..؟ .. وعلى كل الواجهات ؟
ولماذا المسلمون ، أو لنقل الإسلاميون إن صح النعت،  يحكمون دون إسلام ؟
4
فلا إله إلا الله شهادة تستوجب ألوهية الله في السماوات والأرض :
وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " الزخرف 84:
ومن صفات قرآن الإله حاكميته كما يحكم الله سبحانه وتعالى كل العالمين ..
 فهو الحق وهو العدل وهو الحكيم الخبير العليم ..
وقرآنه سبحانه وتعالى أوامر لنا منه كملك مالك، وكرب إله سبحانه  ..
فكيف ينكر بعضنا حقه في التشريع لحد النداء بما نادت به الكنيسة :
" ما لله لله ، وما لقيصر لقيصر "..
لننحني قهرا لأوامر ومؤامرات الصهيوماسونية البوهيمية العلنية والخفية ....
 ولنترك أمور تسيير كل العالم لمخططات صهيون ، وإملاءاتهم ، وأوامرهم المفروضة اليوم علينا بكل مكر .. والساعية كلها لتأزيمنا أكثر فأكثر ..
نحو كل دمارنا الإبليسي ، حفظك اللهم.. 
ولكن:
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين الأنفال 30
وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال..إبراهيم 46 
5
ففي الإسلام: " الكل لله وحده ، ولا أمر ولا نهي مقدسان إلا منه ".
..... ، لكنه سبحانه وتعالى، ورغم حاكميته العظيمة هاته ، لم يعاملنا كالبعير ، بل ولم يرعانا كالأنعام كما تحاول بعض المذاهب أن تفهمنا  :
فلم يمل علينا تفاصيل دساتيرنا... 
بل أطرها فقط ثم ترك لأولي الأمر ولأولي الحل والعقد الشورى الكاملة ..
فالحكم بما أنزل الله تعالى له إجتهاداته ، وله حدوده .. وله شوراه كنظام.
لا إملاءات الديمقراطيات المسمومة..
بل والشورى حاضنة لكل إيجابيات هاته الديمقراطيات، ومقلمة أيضا لكل أظافرها.. وكل مخالبها المتوحشة ...
وهذا هو الإطار الأكبر للبديل الإسلامي إذا ما كانت لحكامنا رجولة الدخول بكل حكمة وبكل حنكة في دوائر ودوامات  التدافع الحضاري القادم والخطير هذا ، والذي يستلزم سرية المذهبية وعلمانية الإصلاح ، وبكل علمية ..
ودون أية علموية زائفة ... وبالتالي ظالمة..
وإنه لتدافع عظيم ، بل وأخطر من خطير..
 لكنه بالله  يسير ..
ولا يتطلب أولا فأولا ثم أولا سوى نيات ربانية بحق
6
ثم حكمة الحكماء ، ودبلوماسية السياسيين، وفقه الفقهاء، وعلوم وخبرة العلماء والخبراء ، وبكل تدرج ، وبكل رحمة وتماسك مع أنظمتنا الوطنية والعربية الإسلامية مهما كان الإختلاف ومهما تعمق الخلاف....  ومهما تعمق الشتات 
وبسياسات جد محنكة ، وجد صبورة أمام ديبلوماسيات وإستراتيجيات العدو العالمية ..
 والمستفزة لنا على الدوام نحو هجوماتها المدمرة ، وكل زلازلها المبرمجة منذ قرون ..
ولهذا يجب أن لا نحمل حكامنا إن آمنوا بالمذهبية الإسلامية كبديل تدريجي  ما لا يطيقون  ..
فهم يرون في القمة ما لا نرى نحن في القاعدة..
كما نرى نحن في القاعدة ما لا يرون هم في القمة ..
ومن صالح المسلمين أن تتماسك قاعداتهم وقممهم لا أن تنهار بينهم كل العلاقات كما نرى وللأسف  ..
7
فلا بد إذن :
من سياسات إسلامية متماسكة من القمة نحو القاعدة ومن القاعدة نحو القمة ، ولا بد لهاته السياسات أن تطلق آفاق رِؤاها نحو المستقبل المتدافع على كل الواجهات .. 
ونحو سلامنا أولا .. قبل النصر المهدوي  القادم ، والخاتم .. 
فبالسلام اليوم فلاح حاضرنا وكذا مستقبلنا ولله الحمد ..
 وبالمهدي وحده نصر خلافتنا الخاتمة عليه السلام ...
فحمدك اللهم:
إذ لا خلافة ولا حاكمية قد بقت لنا دونه ثم عيسى عليهما السلام :
ولقد روى أهل السنة زهاء 80 حديثا يصحح بعضها البعض ، عن هذا الطالب السني العارف المبارك الذي نرفع نحوه وعرفانيا كل القرآن وكل السنة ...
فالنصر الخاتم الذي يعد له أعداء الله وأعداء الناس كل عدتهم ، ومنذ مئات القرون سيكون لنا يقينا ، وبالمهدي ثم عيسى عليهما السلام
لا بإبليس والدجال كما تحضر اليهودية والمسيحية الشيطانية منذ مئات القرون ، ولا كما تتشيطن في كل العالم المحافل الصهيوماسونية البوهيمية..
8
مما يرفع اليوم عن حكامنا كل مستلزمات الجهاد، إلا تدافعا..
 فالحرب اليوم وغدا حرب سلام بالنسبة لنا.. 
لأن الحروب صارت كلها كوارث وكلها دمار .. 
بل وصارت كلها تشريد للإنسان ، وهدم وتتبير لكل العمران
فالسلام والسلام فالسلام ثم السلام :
ثم سلام رغم  أن شلوم اليهود كله مسموم ..
فسلام .. ورغم أن شلومهم على الدوام شلوم حروب على كل الواجهات ..
ولهذا صار نصرنا الأكبر اليوم وعلى المدى البعيد هو الإنتصار في السلام لا في الحروب بيننا أو ضد غيرنا كما يبرمجون..  
فكل نصرنا سلام وتدافع حضاري علمي وعملي وإنساني شامل جد فطن ..
 وبتعاليم قرآنية وسنية حكيمة..
 وفارضة لسلامنا هذا بكل حنكة وبكل تدرج .. 
9
فنحن في مرحلة الفتنة التي تسبق السلام مع بني الأصفر كما جاء عن الرسول صلوات الله عليه:
..... ثم فتنة لا يبقى بيت من بيوت العرب إلا دخلته ، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر... كما روى البخاري عن عوف بن مالك رضي الله عنه.
فالبشرى إذن
أن كل مخططات اليهود ستنهار مع هذا السلام مع الروم ، فهم السبب في كل هذا الصراع بيننا وبين كل الروم والغرب:
ومكيدتهم أن يقضوا على المسيحيين أولا بالمسلمين كما هي بروتوكولاتهم الخفية .. قبل الإنقلاب الدجالي الكامل على كل المسلمين وكل الإنسانية ..
وسيشعلون كل الفتائل بيننا لتدمير الروم بنا وتدميرنا بهم :
ولهذا ستصير هدنة السلام هاته لنا مع الغرب هي نصرنا الكبير ، بل وهدنة تدمير للعديد من أحلام الصهيوماسونية اليهودية البوهيمية ..
فنصر السلام إقترب ولله الحمد ، والمتمثل نبويا في
هدنتنا مع الغرب / بني الأصفر بعد هذا الإستعار الأمريكي والأوروبي ضدنا ..
فماذا عن واجباتنا الأولى:
نحو كتاب السلام الحق هذا ؟:
أ: حق تلاوة القرآن الكريم:
أ1
إن القراءة في الإسلام أمر مقدس ،بل وأول أمر قرآني :
"إقرأ باسم ربك الذي خلق 1خلق الإنسان من علق2 إقرأ وربك الأكرم3":العلق
فالكرم الإلهي كله مرتبط بالإخلاص في القراءة لوجه الله تعالى ، وذلك لأنها مفتاح علوم الدنيا والدين ..
بل ودونها لاعلم ولا فقه ولا دين ..
ولهذا ولئن كان الأمر بالقراءة باسم الله تعالى عاما فإنه خاص أيضا بقراءة وتلاوة القرآن الكريم قبل أي كتاب آخر :
"فاقرؤوا ما تيسر من القرآن " المزمل 20
واتل ما أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته"الكهف 27
ولقارئ القرآن فضل كبير عند الله سبحانه وتعالى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقال لصاحب القرآن :إقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها " رواه أحمد والترمدي .
وقوله صلوات الله علي عن عائشة رضي الله عنها :
الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرِئ ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران" رواه مسلم
وقوله صلوات الله عليه عن إبن مسعود :" من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها " رواه الترمدي
لكن لهاته القراءة وهاته التلاوة شروطها وفروضها وواجباتها ومستحباتها :
" الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يومنون به" البقرة 121
فما هو حق تلاوة قرآننا الكريم ؟
أ2
هناك حقوق عديدة منها :
ــ أن لايقرأ إلا على طهارة :" لا يمسه إلا المطهرون " الواقعة 79
ــ ترتيله :" ... ورتل القرآن ترتيلا " المزمل 4
ــ تدبره :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟" محمد 24

ــ دراسته وتعلمه والربانية به :" ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون " آل عمران79
ــ القيام والتهجد به : " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون " آل عمران 114
ــ تبليغه والتعبد به :" إن هذا لبلاغا لقوم عابدين "الأنبياء 106
ــ الإستبصار به :" قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها "الأنعام 104
ــ عدم الإعراض عن آياته:" وكم من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون " يوسف 105
ــ التبصر والإستهداء والإسترحام واليقين به:" هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون" الجاثية 20
ــ العبرة منه:" إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار" النور 44
ــ الموعظة به :" ...فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" البقرة 275
ــ التمسك والعمل والصلاة والإحسان به:"والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لانضيع أجر المصلحين " الأعراف 170
ــ الهداية والقوامة والإستبشار والتبشير والإنذار به :" إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المومنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا وأن الذين لا يومنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما " الإسراء 10،9
ــ الحياة به والإئتمار بأمره وتعلمه والدراية والإيمان والتنوير والهدى به:" وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ماكنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا.. "الشورى 52
ــ التبرك والتذكر والتذكير به :" كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب" ص 29
ــ الخشوع به وله والخشية من وعيده "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله " الحشر 21
ــ التفكر في أمثاله :" وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون " الحشر 21
وهناك العديد من الحقوق الذي نجملها كلها في :
ــ الطاعة لأوامره كلها .
ــ اجتناب نواهيه كلها ..
ــ الجهاد به مصداقا لقوله تعالى :"ولا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا " الفرقان 52:
أ
فالجهاد الأكبر لا يتم إلا بالتدافع بكل القرآن سنيا ، لا الإيمان فقط بما نشاء :
ونجمل كل هذا في :
"السعي للعمل بكل القرآن والحديث ما إستطعنا"
وقراءته وتدبره جزء من العمل به ، والعمل به أيضا من فروض قراءته .
ولهذا كان هذا الكتاب المتواضع الذي يدعو للإهتمام بعلم أسميه بحمد الله وإستخارته :
ب: فقه العمل بالقرآن الكريم :
ب1
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أنسمن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم " رواه الإمام أحمد مرفوعا
وقال الله تعالى :" ...واتقوا الله ويعلمكم الله "..البقرة 282
إذن هناك علمان :
ــ علم أولي للعمل :"من عمل بما علم " ــ وعلم ثاني بعد العمل بالعلم: "علمه الله ما لم يعلم"
أو لتقل :
ــ علم للتقوى"إتقوا الله    البقرة 282.." 
ــ وعلم المتقين "ويعلمكم الله  البقرة 282
أو لتقل:
 ــ علم الفريضة: "فاعلم أنه لاإله إلا الله..محمد 19 
ــ وعلم الفضيلة"وآتيناه من لدنا علما" الكهف 65
أو لتقل:
 ــ علم الدراسة 
ـ وعلم الوراثة
أو لتقل:
 ـ علوم الفقه 
ـ وعلوم الحكمة .
أو لتقل:
 ـ علوم الظاهر 
ـ وعلوم الباطن .
أو لتقل :
ـ علوم الشريعة 
ـ وعلوم الحقيقة .
وكلها علوم يجملها مصطلحفقه العمل بالقرآن سنيا . 
والذي يعني العلم بعمل كل آيات كل القرآن الكريم .
أي العلم بالآيات من أجل تطبيق أعمالها المباشرة والمستنبطة بوزارة السنة لا العمل فقط بالسنة بثانوية الكتاب .
ب2
فالقرآن إمام والسنة مأمومة لا العكس في منهاجنا..
ولهذا نختلف ولا نتخالف مع من غرق في السنة حتى جعلها إمامة للقرآن ،  ولا يكاد يأتي عمله إلا بالحديث دون الآية. ....
فهو الفقه إذن بأعمال :مقام الإسلام ومقام الإيمان و مقام الإحسان ... 
ولحد فقه الولاية..
أو العلم العملي بالفقه كله وبالفكر الإسلامي كله وبالعرفان كله ..فهناك ثلاثه وسائل لفهم التنزيل:
علوم مستنبطة بالبيان
وعلوم مستنبطة بالبرهان
 وعلوم مستنبطة عرفانا..
وإن كانت العلوم البيانية والبرهانية معلومة فإن علوم العرفان من أصعب هاته العلوم وأرقاها
ب3
وهي علوم الحقائق كلها :
كحقائق العقائد وحقائق العبادات ومنازل السلوك إلى الله ومستوجباتها ونوافلها وأحوالها ومقاماتها.....
 وكل علم التوحيد وعلوم اليقين وعين اليقين وحق اليقين وكل علوم الولاية الكبرى لله عز وجل ..
وبين هاته العلوم البيانية والبرهانية والعرفانية تنقسم كل علوم القرآن والحديث
ولها تحتوي الدراسات والعلوم الإسلامية الموسوعاتية في إجمالاتها .
وإن كان فقه العمل بالكتاب منحصرا في القرآن الكريم .. فعلم التنزيل لا يشمل علوم الدين فحسب كما يظن البعض لحد سجن وعي المسلم في فقه الحلال والحرام ..
بل العلم بالتنزيل يشمل كل العلوم البيانية والبرهانية والعرفانية ثم بعض العلوم التي ليست لها علاقة بالعقائد والعبادات والمعاملات لكنها حقة في إختصاصاتها..
وإن كان علم العمل بالكتاب محدودا كما يبدو ، فعلوم التنزيل لا تحد
لأنها دراسة للقرآن الكريم كله وبالسنة الشريفة كلها وبشتى المناهج والعلوم الحقة ، لا بمنهج  أهل الحديث  فقط ، أو مناهجنا فحسب .
ب4
فهناك آيات عديدة لا يمكن أن نشرحها اليوم إلا بعلومها : 
كالآيات المتعلقة بتكون الجنين ومراحله والآيات المتحدثة عن البحار والحجر والأرض والنبات والكون والفضاء وغيرها ..لحد كلامنا اليوم على الإعجاز العلمي للقرآن الحكيم في كل العلوم وفي شتى المجالات:
فأول العلوم التي تبدوا متناسقة مع القرآن الكريم هي كل العلوم الكونية الطبيعية التي استقرأها عقل الإنسان مباشرة من الطبيعة :
فهاته العلوم كلها إن أثبتت أحقيتها فهي تثبت وتثبتها العديد من الآيات العلمية في القرآن الكريم ..
وهي علوم الكتاب الثاني لنا من الله سبحانه وتعالى الذي هو الكون كله ، فهناك كتابان :
ــ كتاب الله المسطور : قرآننا الكريم.
ــ وكتاب الله المنظور : كون الله الفسيح الذي يأمرنا الله سبحانه وتعالى بتدبره قائلا:
"إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب آل عمران 190
.... ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلا سبحانك ..." آل عمران 191 
ب5
وهذه دعوة من القرآن لنا للإهتمام بكل علوم الكون الحقة، إذ هي أساس تقدمنا البارحة وغدا إن شاء الله تعالى .
وهكذا يغمس الله عقولنا في العلوم المقروءة كلها والعلوم المنظورة كلها ...:
العلوم الحاملة عن البحث والتأمل والتدبر والإستقراء والإستبصار والإستنباط ، وكل ما يلزم الدراسات العميقة والمعمقة.
ودون تمازج هذين الكتابين العظيمين بكل علومهما لن يحصل كمال اليقين في فهم الباحثين ...
ليبقى يقين الإيمان متعلقا بعلم آخر : وهو فقه القلب ..
كما قال الرسو ل صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي حصل له هذا اليقين :
"... إفت قلبك ...ولو أفتاك المفتون " رواه أحمد.
وكما قال الله عن الكافرين :" ...لهم قلوب لايفقهون بها ..."..الأعراف 179
بل ولقد وجد أخيرا بعض الخبراء خلايا تفكير شبيهة بخلايا الدماغ في القلب الإنساني حمدك اللهم.
لكن وما دام الإلمام بكل هاته العلوم غير ممكن في كليته، فكذلك إن العلم بالتنزيل نسبي عند كل عالم انطلاقا من معرفته ، لأن العلوم كلها في تطور وتعميق ..
ولهذا فإني مع الذين يرفضون أن يسمى أي كتاب ب: "تفسير القرآن الكريم" بل هو تفسير المجتهد فقط  حسب فهمه ومنهجه ووعيه وثقافته وعصره
أما التفسير الكامل فلن تستصيغه كل كتب وعلوم الأرض ، لأنه من كلام الله الذي يقول سبحانه عنه
"قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا"الكهف 109
ب6
فالقرآن كلام الله الذي لن يفسر كليا ولو بكل العلوم مددا ..
 وذلك لقصور الخلق عن الإلمام الكلي بكلام الخالق ..
وللانهايات العلوم الإنسانية والكونية.. 
فما بالك بالعلوم الإلهية التي يحتويها القرآن الكريم ولا يعلمها إلا هو سبحانه؟؟ .
ثم علومه وهو يمتزج بعلوم هذا الكون الإلهي العظيم ؟
فكما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أنزل القرآن على أربعة أحرف:حرام وحلال ــ لايعذر أحد بالجهالة به ـ وتفسير تفسره العرب ، وتفسير تفسره العلماء ،ومتشابه لايعلمه إلا الله عز وجل ،ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب "..مأثور عن إبن عباس رضي الله عنهما
 ولهذا فإن التفسير محرم للآيات المتشابهات كلها ، بل وتأويلها زيغ وفتنة ومرض في النفوس والقلوب كما قال الله تعالى :
" ... آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله وما يعلم تاويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " آل عمران7
ب7
ولهذا فإن في الإسلام ثلاثي يحرم البحث فيه ، ويحرم تفسيره:
أوله : الآيات المتشابهات .
ثانيه: الذات العلية لله سبحانه وتعالى :لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في ذاته"  
وهو حديث مرفوع:لكن تحسنه الحكمة القائلة   كل ما تصورت ببالك: الله بخلاف ذلك.
ثالثا : الروح : لقصور العلم الإنساني عليها ولقوله تعالى :" ... قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" الإسراء 85.
فالروح من عالم الأمر الذي لايحيط بكنهه سواه سبحانه ..
وما عدا هذا فمباح التفكر والتأمل والتدبر فيه
فليست هناك من علوم محرمة إلا ما ظهر ضررها على الإنسانية أو الإسلام والمسلمينكالسحر وكل العلوم المضرة والمدمرة..
ب8
إلا أن هناك إشكالية من الواجب إثارتها في تحريم البعض للتفسير إنطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم كما روى عن ابن جندب :
"من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ" رواه الترمدي والنسائي.. 
ويفهم البعض منها تحريم التفسير ، بينما يحرم هذا الحديث أن تقول الآية برأيك وأنت لاتحفظها فهذا حرام في المنهج الفقهي السلفي ، بينما يمكنك أن تقول معنى الحديث دون لفظه ، وهذا يعني التقول على القرآن بالرأي ، دون علم بالقرآن كما يشرح الحديث المروي عن ابن عباس رضي الله عنه :
من قال في القرآن برأيه أو بما لايعلم فليتبوأ مقعده من النار " رواه الترمدي والنسائي.. 
بل وهاته من العلامات الكبرى للنفاق العلمي ..
فحرام إذن أن أقول قال الله في القرآن ثم أتلو كلامي عكس الحديث الذي يمكن أن نقول قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه ..
لكن  إذا ما كانت الآية بين أيدينا أو نحفظها ، فهناك أوامر كبيرة في القرآن كما سلف سابقا :
لتدبرها وتأملها ودراستها ثم تبليغ معانيها بكل الطرق المباحة في دراسة النصوص .. وإلا سنعصي أمره تعالى في القرآن :
لتبيننه للناس ولا تكتمونه " آل عمران 187
وكتم بعض علوم الآية يعد كتما لها
وإلا فما الوسيلة لدراسة الكتاب، وللوصول لعلومه ... حتى علم اليقين؟ وغيره؟..
ب9
وخير سبل التفسير فقهيا هو تفسير القرآن بالقرآن والحديث، لكن هذا لايلغي تفسيره لغويا وعلميا وبكل العلوم الحقة المتاحة .. 
لكني شخصيا لاأجازف بادعائي تفسير أية آية بل يبقى منهاجي بحول الله هنا :
ــ تدبر الآيات والعبرة منها .
مصداقا لقوله تعالى :أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟:محمد 24
بهدف استنباط الأعمال قبل العلوم .. 
وليبقى كل الهدف  :
ــ تعميق الإيمان
ـ وتنوير الفهم
قصد النداء الدائم بالعمل .
اللهم عونك يا رب..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق